
بالحقيقة هناك أمورا تستدعى نقاشها وبجدية فى الشأن الثقافى والفكرى العربى، منها على سبيل المثال لا الحصر، كيفية رأب الفجوة الكبيرة بين الثقافة العربية والثقافات الغربية، نعترف أولا بوجود هذه الفجوة، الإهتمام الدائم من خلالهم على إثراء حياتهم ونشاطاتهم الثقافية، الأنشطة الثقافية على تعدد مناحيها ضمن النشاط البيولوجي الحياتى والهام بحياتهم، وعلى النقيض لدينا ترهل بالشأن الثقافي والابداعى، شلالات من الإصدارات الهشة عديمة الجدوى تملأ أرجاء المكتبات والشوارع والأرصفة، وللأسف تنال حظا كبيرا من الإحتفاء وحفلات التكريم والتحويل إلى دراما، لأنها تأخذ منحى مخاطبة الغرائز والشهوات لا العقول، وتساهم دور النشر بدور هام وأساسى بهذا الصدد، لأنها فقدت الطريق الى رسالتها الأساسية وهى أمانة وشرف الكلمة، أصبحت تبحث عن إنتفاخ الجيوب بأى طريق ولا تضع فى الإهتمام الأساسى هو مخاطبة العقول عن طريق إصدارات توجد نوعا من إعمال العقول وتنشيط تفكيرها لفهم ما تحمله الإصدارات من مفاهيم ومضامين ورسائل، فقدنا وضللنا الطريق الى القراءة الورقية التى هى السبيل لتحريك العقول ووصولها للإبتكارات، لم تعد من بين أولوليتنا ولا إهتماماتنا، فتوقفت عقولنا عن التحرك ولم تعد تفكر الا باللحظة الراهنة لا تستشرف ولا تفكر للغد، أليس من المؤسف أن تخرج علينا الدراسات التى تقرر أن المواطن العربى معدل قراءته بالعام لا يتجاوز الست دقائق، وأن المواطن ببعض البلدان الأوربية يقرأ بيومه الواحد ما يقرأه العرب فى عام!، الجهات السياسية المنوط بها إدارة دفة الشأن الثقافى والمؤسسات الثقافية الحكومية والخاصة والمثقفين من حملة القلم والمواطن العادى الكل شريك بهذا، غابت لجان النشر، غاب النقد المؤمن برسالته ، غابت المنهجية الثقافية، وبالتالى ضاع الكثير من ملاحمنا وهويتنا الثقافية، الثقافة هى عنوان الشعوب والأوطان، لابد من وقفة جادة وحاسمة للبحث عن مخرج سريع وآمن من هذا المأزق الذى ينذر بتداعيات وويلات أكبر، بعدها اللائمة لن طريقها ابدا إلينا.