نتواصل حول الشأن الثقافى والفكرى العربى ، نتناول اليوم أمرا آخر من أمورها، وهو من المسئول عن هذا الإنهيار الكبير بالزائقة الثقافية والفكرية والفنية، كيف سمحنا لموجات من الفن لا تعبر عنا مطلقا، ولا تشبه ملامحنا أن تسود وأن تمتطى عقولنا وحياتنا، مجرد مقارنات بسيطة، أين نحن من الموسيقى والطرب الاصيل والممعبر عن أنفسنا، يعبر عنا ويلمس اوجاعنا وأفراحنا، ويعبر بصدق عن كل زوايانا، لماذا يعيش فن سيد درويش، عبد الوهاب، أم كلثوم, صباح فخري، ناظم الغزالي، واسماء عديدة على طول الخريطة العربية، ،وبين الطافين على الساحة، يمارسون الرقص والزعيق والخبط والرزع، الكلمات الهابطة، الموسيقى التى لا تنتمى الموسيقى، لا ندرى. من أى مقامات أتت. الأغنية تولد وتموت بذات اللحظة، على من تقع المسئولية، بحقيقة الأمر نحن جميعاً شركاء، المؤسسات الثقافية التى سمحت بتصاعد هذا الوباء, ووقفت تشاهد وربما تصفق وتشيد، المنتجين الذى قبلوا إنتاج مثل هذه الأمراض الغنائية والدرامية من أجل ثراء أراه ثراءا يجب أن توجه لهم تهمة الكسب غير المشروع، جموع المواطنين الذين ينتشون ويمتايلون مع هذا المنتج الردئ، يرددون مفرداته اللغوية التى صارت أساسية فى طقوسهم اليومية، نقلوا سوءات الكلمة والمشهد إلى بيوتهم, صار الكل يعيش فى تيه وغيبوبة وإدمان متمادى ومتفشى، لابد من التصدى لهذه الهجمات البربرية المستمرة والمتصاعدة والتى تمول من جهات عدة، داخلية وخارجية للقضاء على السلوك الذى يتمتع بالذوق الفنى والثقافى، لابد من رقابة هادفة، لابد من عودة دور الأسرة الغائب تماماً خلال الحقبات الزمنية الماضية، لابد من ضوابط ومعايير للانتاج الفني وألفكرى محدد الأهداف والأطر التى بعودتنا إلى الطريق الذى تاهت خطواتنا عنه, طريق السلوك المعرفى والذوق الراقى فى إستقبال المعرفة بكل روافدها.